السبت، 18 يونيو 2011

الغرقى


قال الشاعر أبنى بيتاً
أفضل لى أم ابنى بيتا؟
أما الشعر فلم يُغنينى
لم يرحم أنات سنينى
أعطيته أنقاض القلب
وسهد العين
والشوق
وحزنى و حنينى
وقوافيه لم تعطينى
قمحاً أو أرزاً أو زيتا
والدَين على الشعر اثّاقل
والشعر ليحسبنى ميتا
فالغاية دوماً
تصفيقْ
ومديح له فى دفء القلب
بريقْ
يمتد إلى أن يصبح فى الأضلاع حريقْ
هيهات يغذى تصفيق أو إطراءْ
بضعةَ أطفال ٍ و امرأة
والبعل الرسمى يجادلُ قامات الشعراءْ
ليت البحر الواسع يغنى
قاصده عن عطش ٍ ليتا
...
نفسى للأشعار تتوقْ
لكن الجيب من النفس
يريقْ
وأنا إن تابعت طريقى
لصد الفقر
ومعى الشعر رفيقْ
فاطرْق من الشعر تضيقْ
ويدَىّ المشتعلة شعراً لن أرميها
لكنى سأنير بها كل طريقْ
فوداعاً يا شعر إلى وقتٍ
لاأحسب فيه الوقتا
علِّى أراك بآخر السرداب
أو فلعلى لست أفيقْ
وانقلب الشاعر إنساناً عاديا
لا يمكن أن تطلب منه التحليقْ
...
صاح الرسامُ بلا داعٍ
مالك يا شاعر ترتابْ
من قال بأن الشمعة
يمكن أن يطفئها غيمٌ وضبابْ ؟
سقطت من تاجك ألمع جوهرة
أصبح بستانك بعد الهجر خراب
لكنى سأرسم أبداً
أبدع أبداً
ما دمت لا أرسم فوق الماء
ولا ألحق أذيال سراب
أما عن كسب القوت
فذلك شريان آخرْ
سيوازى شريان الإبداع
وبدونهما قلبى حائرْ
رغم الفقر الجائر
بركان الأحلام الثائر
له فى ضلع المبدع زاوية ٌ
لم تخمده بماءٍ فاتر ؟!!..
بعد شهورْ..
لم يمت الراسم من جوع ٍ
لم يدفع ثمن التفكير
لم يجرع من أجل المر
مريرْ
لكنه فى وجلٍ ظاهر
ذهب إلى وكر الشمع المنطفئ ِ
السالم غير المحترق ِ
حتى يعتذر إلى الشاعرْ
...
همّ الكاتب أن يكتب مأساة الشاعر و الرسامْ
يكتب أن بلادى
وأدت كل شموع ٍ فيها
وأقامت بظلامْ
بحرٌ ذاخرْ
دفع قناديله لتنامْ
بستانٌ يخنق أزهاره
يمنع عنها من تحت التربة ماءاً
وعليها من فوق التربة
يرمى ناراً بعد ضرامْ
يكتب أن بلادى
بها مليون معين ٍ للإبداع
و ليس بها إبداعْ
قـُل من فقر ٍ
قل من قحط ٍ
قل من ضنك ٍ
قل من كبت ٍ
قل من ذلٍّ و استسلامْ
قـُل إن كانت خير شعوب الأرض
تعيش ببطن الأرض
فهو حرامْ
هم الكاتب أن يكتبها
يكتب عن مأساة الشاعر و الرسامْ
لكنه
لم يملك ثمن الورقة
والأقلامْ !


شعر: عبدالرحمن محمدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق